أولاً: أنواع الموت
==========
هناك عدة أنواع من الموت:
1- الموت الجسدى: و فيه تنفصل الروح عن الجسد حيث تذهب الروح إلى مكان إنتظار قبل دينونة القيامة الأخيرة. فان كانت روح أحد الأبرار فمكان إنتظارها هو الفردوس، و إن كانت روح أحد غير المؤمنين و الأشرار فمكان إنتظارها فى الجحيم. أما الجسد فيعود إلى تراب مرة أخرى منتظراً هو أيضاً يوم القيامة لكى يقوم بطبيعة أخرى غير قابلة للفناء. و تتم دينونة كلا من الجسد و الروح معاً. فليس من العدل الإلهى أن تكافأ الروح ولا يكافأ الجسد "لان هذا الفاسد لا بد ان يلبس عدم فساد وهذا المائت يلبس عدم موت" (1 كو 15 : 53) . فكما أن الروح كان لها عمل كذلك الجسد. فهو الذى يصوم، و هو الذى يصلى فيما هو متعباً، و هو الذى يذهب إلى الكنيسة، و هو الذى تعذب، و فى أحيان كثيرة تعرض للقتل. لذلك يستوجب الجسد التنعم فى الأبدية فى الحضرة الإلهية فى ملكوت السموات كما الروح تماماً. و كذلك أيضاً جسد الأشرار يستوجب العذاب الأبدى و ليس الروح فقط. فخطايا الزنا، السرقة، السكر، القتل، و مثلها كثير قد إرتبكها الجسد. لذلك فالعدل الالهى يوجب عقوبة الجسد أيضاً فى نار لا تنطفئ و دود لا يموت فى جهنم.
2- الموت الروحى: و هو موت يحدث كنتيجة طبيعية للخطية و كما يقول بولس الرسول "حتى كما ملكت الخطية في الموت هكذا تملك النعمة بالبر" (رو 5 : 21). و ليس هناك حل وسط فإما نحن أحياء بالنعمة أو أمواتاً بالخطية كما يقول الوحى الإلهى "اما للخطية للموت او للطاعة للبر" (رو 6 : 16). و الموت الروحى هو الموت الذى حكم به على آدم و ذريته من بعده إذ كان كلام الله لآدم هكذا "واما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها . لانك يوم تأكل منها موتا تموت" (تك 2 : 17). و بالفعل فلقد مات آدم روحياً بسبب خطيته، و فقد نقاوته، و صار عارفاً - و عاملاً - للخير و الشر، و نحن من بعده. "من اجل ذلك كأنما بانسان واحد دخلت الخطية الى العالم وبالخطية الموت، وهكذا اجتاز الموت الى جميع الناس اذ اخطأ الجميع" (رو 5 : 12). لذلك فالخطية كما أن أجرتها موت (رو 6 : 23)، كذلك فهى فى حد ذاتها موت. لأن الخطية تفصلنا عن الله، و هى خصومة مع الله. ما دام الله هو مصدر كل حياة، إذاً فمن البديهى و المنطقى أن يكون الانفصال عنه هو موت. لذلك يقول بولس الرسول أن الخطاة "أموات بالخطايا" (أف 2 : 5). و موت الروح ليس كموت الجسد. فموت الجسد نهائى إذ لا فرصة أخرى بعد الموت للحياة. أما الروح فممكن إقامتها بالتوبة و الاعتراف و ممارسة وسائط النعمة. و يبدو هذا جلياً واضحاً فى كلام الأب فى مثل الإبن الضال إذ وصف حالة إبنه بإنه "كان ميتاً فعاش" (لو 15 : 24). و ما دام هناك فرصة للحياة بالجسد، فهناك فرصة للتوبة و الحياة مرة أخرى روحياً. و الرب يعطى كل واحد مننا فرصة للتوبة كما يقول فى سفر الرؤيا عن الزانية "واعطيتها زمانا لكي تتوب عن زناها" (رؤ 2 : 21). و الروح القدس فى داخلنا ينخسنا، و يوبخنا، و يرشدنا، و يعلمنا. لذلك قال الكتاب "لا تطفئوا الروح" (1 تس 5 : 19).