أية (2): "هذا كان في البدء عند الله."
هذا= أي الكلمة. وهنا نلاحظ أن التكرار مقصود لتأكيد أن الكلمة أزلي وأنه من جوهر الله وطبيعته وأنه قبل أن يكون خليقة فهو عند الله، فهو قوة الله وحكمة الله اللتان خلق بهما العالم. والله لم يكن قط بدون قوته ولا بدون حكمته. ولكن التكرار له هدف ثانٍ خاصة إذا نظرنا للآية التالية "كل شئ به كان" والتي نرى فيها الكلمة خالقاً. وبذلك تصير آية (2) لها مفهوم آخر، وهو أن الكلمة الذي كان منذ الأزل عند الله (آية1) بدأ في عملية الخلق وبدء أن يكون هناك زمن وهناك خليقة.
أزلياً الآب يحب الابن الذي عنده والآن هذا الحب إمتد للعالم فبدأت الخليقة زمنياً علامة الحب الإلهي للخليقة. وبنفس المفهوم كانت أول آية في الكتاب المقدس "في البدء خلق الله السموات والأرض" هي تعبير عن محبة الله وخيريته التي ظهرت في خلقة الإنسان.
أية (3): "كل شئ به كان وبغيره لم يكن شئ مما كان."
الكلمة هو خالق كل شئ ما يرى وما لا يرى، في السماء وعلى الأرض (أف9:3) والخليقة أخذت كيانها منه ووجودها منه، ولا توجد خليقة تتخذ لها وجوداً بدونه، فالكلمة أزلى ولكن الخليقة أخذت مبدأها الزمني منه، وهي مرتبطة به تأخذ كيانها منه. وكلمة كان في هذه الآية تختلف عن كان في آية (1). ففي آية (1) تعنى الكينونة ولكنها هنا تعني صار الشيء become.
به كان= الأصل اليوناني يفيد به صار الشيء وظهر بحسب تدبير العناية الإلهية. وبه في الإنجليزية Through him وهذه أدق من صار أو كان في العربية فالكلمة بعد أن خلق، ظل حافظاً ومقيماً وماسكاً ومدبِّراً للخلق. كنا في عقل الله أولاً ثم صرنا خليقة "بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئاً" (يو5:15) لذلك هو ضابط الكل "به نحيا ونتحرك ونوجد" أما من ينفصل عنه فيقال له "لك اسم أنك حي وأنت ميت" (رؤ1:3) ويوحنا يشير لهذا فهو يريد أن يتكلم عن الخليقة الجديدة. ومعنى الكلام أن المسيح خالق الخليقة الأولى هو تجسد ليقوم بالخليقة الجديدة.
وبغيره لم يكن شيئاً مما كان= بدونه لا يصير للخليقة وجود وكيان. فهو يخلق أولاً ثم يحفظ، فهو ضابط الكل. وإذا كان الكلمة هو الذي يخلق ويحفظ ويضبط العالم فهو ليس أقل من الله، بل هو الله نفسه. راجع(عب2:1،3+ أع28:17+ رو19:1-20+ كو16:1-17+ مت29:10-31+ لو6:21+ أم23:8-31)