البرهان الرابع : الاعتقال العام بوجود الله
لا يمكن أن يكون إجماعا على ضلال . فالأمم مع اختلافها فى الجنس والعادات لم تختلف فى عقيدة وجود الله . وها هو التاريخ يدلنا على أن جميع الأمم كانت تعبد ألها ولو أنهم اختلفوا فى معرفة طبيعته . فالبوذية التى تجهل طبيعة الله تقر بوجود الله .
وكذلك الذبوح الذين قال البعض عنهم أنهم بلا آله ثبت أنهم مؤمنون بوجود كائن أعلا . فهم يؤدون له واجبات . وهب أن هؤلاء لا يعرف آلها . فهل يقدم هذا حجة على عدم وجوده . وهل مخالفة الجهلاء الفكرة عالم تبطلها فوجود الملاحدة إذ صح وجودهم لا يبطل حقيقة الأيمان .
والأهل هل ننكر حواسنا لأن فى العالم خرسا . وعميانا . وعرجا . وبالجملة فالدليل على وجود الله لا يطلب من إجماع أفراد بل من إجماع الأمم .
اعتراض :
أن الإجماع وحده لا يمكن أن تكون دليلا على وجود الله . فلقد جمع الناس مرة على خطأ .. نعم . اجمع الناس مرة على خطأ . ولكن سرعان مازال هذا الخطأ وظهرالحق وجود الله أمر معروف منذ ابتداء الكون فلو أنه ضلال لانقشعت هذه الفكرة . ولكن هذه الحقيقة تزداد كل يوم رسوخا والعلم يؤيد ذلك وكذا المنطق لأنها ليست وليدة . الشهوات فالنظر يرى الكون والعقل يحكم بأن هذا النظام لابد له من منظم .
اعتراض :
يقولون أن الناس تأثروا من الزوابع . وتحت هذا الشعور المخيف وأمام هذه الظواهر التى لم يستطيعوا تعليلها ولكى يستريحوا اخترعوا وجود الله .
الجواب :
لو أن الناس سلموا بوجود الله نظرا للمخاوف لكانت عقبدتهم فيه دائما أنه مخيف جبار فقط ولكن الناس يعرفونه صالحا
محبا رحيما . وزد على ذلك كيف يكون الجهل هو سبب اعتقاده به فى حين أن العلماء يؤمنون بوجوده أيضا .
اعتراض :
يقولون أن العلماء القدماء اخترعوا الله لردع الأشرار .
الجواب :
أن القول من قبيل التخمين فقط . فأن القدماء لم يخترعوا الله لكنهم تسلموا الأيمان ممن قبلهم ثم إستخدموه و لا يمكن أن تستخدم غير الموجود .
اعتراض : يقولون أن هذا من اختراع الكهنة .
الجواب :
لست أدرى كيف يوجد الكاهن قبل وجود الله . فقد أقيم الكهنة على أساس وجود الله .